(واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحداً "27")
أي بعد هذه الأسئلة التي سألك كفار مكة إياها، وأخبرك الله بها فأجبتهم، اعلم أن لك رباً رفيقاً بك، لا يتخلى عنك ولا يتركك لكيدهم، فإن أرادوا أن يصنعوا لك مأزقاً أخرجك الله منه، وإياك أن تظن أن العقبات التي يقيمها خصومك ستؤثر في أمر دعوتك.
وإن أبطأت نصرة الله لك فاعلم أن الله يريد أن يمحص جنود الحق الذين يحملون الرسالة إلى أن تقوم الساعة، فلا يبقى في ساحة الإيمان إلا الأقوياء الناضجون، فالأحداث والشدائد التي تمر بطريق الدعوة إنما لتغربل أهل الإيمان حتى لا يصمد فيها إلا من هو مأمون على حمل هذه العقيدة. وقوله:
{لا مبدل لكلماته .. "27"}
(سورة الكهف)
لأن كلمات الله لا يستطيع أحد أن يبدلها إلا أن يكون معه سبحانه إله آخر، فمادام هو سبحانه إلهاً واحداً لا شريك له، فاعلم أن قوله الحق الذي لا يبدل ولا يغير:
{ولن تجد من دون ملتحداً "27"}
(سورة الكهف)
أي: ملجأ تذهب إليه؛ لأن حسبك الله وهو نعم الوكيل، كما قال تعالى:
{أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون "51"}
(سورة العنكبوت)
ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: