(إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً "10")
(أوى) من المأوى، وهو المكان الذي يأوي الهي الإنسان ويلجأ إليه (الفتية) جمع فتى، وهو الشاب في مقتبل العمر، والشباب هم معقد الآمال في حمل الأعباء والنهوض بكل أمر صعب، وهؤلاء شباب مؤمن وقفوا يحملون راية عقيدتهم وإيمانهم أمام جبروت الكفر وطغيان الشرك، فالفتاء فيهم فتاء إيمان وعقيدة.
لذلك لجأوا إلى الكهف مخلفين وراءهم أموالهم وأهلهم وكل ما يملكون، وفروا بدينهم إلى هذا المكان الضيق الخالي من أي مقوم من مقومات الحياة؛ لأنهم لا يشغلون أنفسهم بهذه المقومات، بل يعلمون أن لهم رباً سيتولى أمرهم؛ لذلك ضرعوا إليه قائلين:
{ربنا آتنا من لدنك رحمة .. "10"}
(سورة الكهف)
أي: رحمة من عندك، أنت ترحم بها ما نحن فيه من انقطاع عن كل مقومات الحياة، فالرحمة في فجوة الجبل لن تكون من البشر، الرحمن هنا لا تكون إلا من الله:
{وهيئ لنا من أمرنا رشداً .. "10"}
(سورة الكهف)
أي: يسر لنا طريقاً سديداً للخير وللحق.
إن هؤلاء الفتية المؤمنين حينما ألجأهم الكفر إلى ضيق الكهف تضرعوا واتجهوا إلى ربهم، فهو وحده القادر على أن يوسع عليهم هذا الضيق، كما قال تعالى:
{فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا .. "43"}
(سورة الأنعام)
ثم يقول الحق سبحانه: