(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً"7")
وكأن هذه الآية تعقيب على سابقتها، وإشارة لرسول الله بأن الدنيا قصيرة، فالمسألة ـ إذن ـ قريبة فلا داعي لأن يهلك نفسه حزناً على عناد قومه، فالدنيا لكل إنسان مدة بقائه بها وعيشه فيها، ولا دخل له بعمرها الحقيقي؛ لأن حياة غيره لا تعود عليه بشيء، وعلى هذا فما أقصر الدنيا، وما أسرع انتهائها، ثم يرجعون إلينا فنجازيهم بما عملوا، فلا تحزن ولا تيأس، ولا تكدر نفسك، لأنهم لم يؤمنوا.
فقوله تعالى:
{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها .. "7"}
(سورة الكهف)
أي: كل ما على الأرض هو زينة، والزينة هي الزخرف الذي يبرق أمام الأعين فيغريها، ثم يندثر ويتلاشى، وقد أوضح لنا القرآن هذه المسألة في قوله تعالى:
{واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح .. "45"}
(سورة الكهف)
فإياك أن يأخذك هذا الزخرف؛ لأنه زهر سرعان ما يذبل ويصير حطاماً. وقوله:
{لنبلوهم .. "7"}
(سورة الكهف)
البلاء يعني: الاختبار والامتحان. وليس المصيبة كما يظن البعض؛ لأن المصيبة تكون على من يخفق في الاختبار، والابتلاء لهم من الله مع علمه تعالى بأمرهم وما سيحدث منهم مسبقاً، ولكن لنعرف معرفة الواقع وشهادة الواقع.
وما أشبه هذه المسألة بالتلميذ الذي يتنبأ له أستاذه بالفشل لما يراه من مقدمات يعرفها عن عقليته وعن اجتهاده والتفاته يحكم من خلالها، فإذا ما دخل التلميذ الاختبار فشل فيه وأخفق، لكن هل يعني هذا أن نلغي الاختبارات في مدارسنا اعتماداً على خبرة المعلم بتلاميذه؟ لابد من الاختبار ليقوم شاهداً واقعياً على من يخفق. إذن معنى:
{لنبلوهم .. "7"}
(سورة الكهف)
أي: بلاء شهادة منهم على أنفسهم. ثم يقول الحق سبحانه