(فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً "6")
ومعنى:
{باخع نفسك .. "6"}
(سورة الكهف)
أي: تجهد نفسك في دعوة قومك إجهاداً يهلكها، وفي الآية إشفاق على رسول الله؛ لأنه حمل نفسه في سبيل هداية قومه ما لا يحمله الله ويلزم ما لا يلزمه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فيعرضوا ويتولوا عنه فيشيع آثارهم بالأسف والحزن، كما يسافر عنك حبيب أو عزيز، فتسير على أثره تملؤك مرارة الأسى والفراق، فكأن رسول الله لحبه لقومه وحرصه على هدايتهم يكاد يهلك نفسه (أسفاً).
والأسف: الحزن العميق، ومنه قول يعقوب عليه السلام:
{يا أسفي على يوسف .. "84"}
(سورة يوسف)
وقوله تعالى عن موسى لما رجع إلى قومه غاضباً من عبادتهم العجل:
{فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً .. "86"}
(سورة طه)
وقد حدد الله تعالى مهمة الرسول وهي البلاغ، وجعله بشيراً ونذيراً، ولم يكلفه من أمر الدعوة ما لا يطيق، ففي الآية مظهر من مظاهر رحمة الله برسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول الحق سبحانه: