(ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "201")
ولماذا لم ننس الدنيا هنا؟ لأنها هي المزرعة للآخرة. وقوله سبحانه: "آتنا في الدنيا حسنة" اختلف فيها العلماء؛ بعضهم ضيقها وقال: إن حسنة الدنيا هي المرأة الصالحة. وقال عن حسنة الآخرة إنها الجنة. ومنهم من قال: إن حسنة الدنيا هي العلم؛ لأن عليه يبني العمل، وفي حسنة الآخرة قال: إنها المغفرة؛ لأنها أم المطالب. ومن استعراض أقوال العلماء نجدهم يتفقون على أن حسنة الآخرة هي ما يؤدي إلى الجنة مغفرة ورحمة، لكنهم اختلفوا في حسنة الدنيا. أقول: لماذا لا نجعل حسنة الدنيا أعم وأشمل فنقول: يا رب أعطنا كل ما يحسن الدنيا عندك لعبدك.
ويذيل الحق هذه الآية بقول: "وقنا عذاب النار" وسبحانه وتعالى حين يمتن على عباده يمتن عليهم بأن زحزحهم عن النار وأدخلهم الجنة، كأن مجرد الزحزحة عن النار نعيم، فإذا ما أدخل الجنة بعد الزحزحة عن النار فكأنه أنعم على الإنسان بنعمتين؛ لأنه سبحانه قال:
{وإن منكم إلا واردها}
(من الآية 71 سورة مريم)
ومعناها أن كل إنسان سيرى النار إما وهو في طريقه للجنة، فيقول: الحمد لله، الإيمان أنجاني من هذه النار وعذابها. فهو عندما يرى النار وبشاعة منظرها يحمد الله على نعمة الإسلام. التي أنجته من النار. فإذا ما دخل الجنة ورأى نعيمها يحمد الله مرة ثانية. وكذلك يرى النار من هو من أهل الأعراف أي لا في النار ولا في الجنة، يقول الحق:
{فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}
(من الآية 185 سورة آل عمران)
ويقول الحق من بعد ذلك: