هل تعرفون ما هي آرجى آية في كتاب الله؟؟؟ما دلالاتها؟؟؟ ماتفسيرها؟؟؟
الاية هي قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " ( سورة الزمر/53)
قبل التطرق لتفسيرها نذكر أولا سبب نزولها...
أولا :سبب النزول
ذكر الفقهاء عدة أسباب لنزول هذه الاية منها:
*-عن ابن عباس «أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قَتلوا وأَكثروا، وزنَوا وأكثروا، فأتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرُنا أَن لما عملنا كفارة فأنزل الله عز وجل هذه الآية : " قل يا عبادي الذين أسرفوا على انفسهم"صحيح البخاري.
*- وعن ابن عباس أيضا نزلت في أهل مكة قالوا : يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له , وكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا مع الله إلها آخر وقتلنا النفس التي حرم الله فأنزل الله هذه الآية .
*- وقيل : إنها نزلت في قوم من المسلمين أسرفوا على أنفسهم في العبادة , وخافوا ألا يتقبل منهم لذنوب سبقت لهم في الجاهلية .
قال الفقيه ابن عاشور:وقد رويت أحاديث عدة في سبب نزول هذه الآية غير حديث البخاري وهي بين ضعيف ومجهول ويستخلص من مجموعها أنها جزئيات لعموم الآية وأن الآية عامة لخطاب جميع المشركين .
ثانيا: تفسير الاية
*-قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ:
أي أخبر يا محمد عبادي المؤمنين الذين أفرطوا في الجناية على أنفسهم بالمعاصي والآثام والغلو فيها..
يقول الشيخ النابلسي: إسراف تنوُّع أو إسراف شدَّة ، إما أنه ارتكب معصيةً كبيرةً جداً ، أو أنه ارتكب كل أنواع المعاصي ، كلاهما إسراف ..
وقوله تعالى : " يا عبادي" فيه من الدلالة على الذلة و الاختصاص،المقتضييْن للترحُّم
*- لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ:
لا تقنطوا: نهي الهي .... أي لا تيأسوا من مغفرة الله
أولا و تفضله بالرحمة ثانيا.
*- "إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا" أي إنه تعالى يعفو عن جميع الذنوب لمن شاء، وإِن كانت مثل زبد البحر.
*-"إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" أي عظيم المغفرة واسع الرحمة.
الغفورُ : يستر عظام الذنوب .الرحيم :يكشف فظائع الكروب
فليس هناك ذنب أكبر من رحمة الله ...ولا ذنب أكبر من مغفرة الله فرحمة الله تسع كل الذنوب...
يقول الشيخ النابلسي: الإنسان إذا تعامل مع الله ........ أنت إذا تعاملت مع الله ، زلَّت قدمك ، انحرف سلوكك ، تورَّطت في معصية،
وقعت في انحراف ، فما عليك إلا أن تتوب ،فإذا تبت توبةً نصوحَ أنسى الله حافظيك ، والملائكة
، وبقاع الأرض كلَّها خطاياك وذنوبك ، كأن هذه المعاصي لم تكنْ ، وربنا جلَّ جلاله يُشْعِرُكَ
بذلك ، يشعرك أنه غفر لك ، تشعر أنك خفيف ، تشعر أن كابوساً أُزيح عن صدرك ، تشعر أن
الدنيا لا تسعك ، يا ربي لك الحمد ، أبداً يشعرك أنه غفر لك ، أنه قبلك ، تبت إليه فتاب عليك ، تابوا فتاب الله عليهم
، أقبلت إليه فقبِلَك ، تبت إليه فتاب عليك ، قلت : يا رب ،قال : لبيك يا عبدي .
المستفاد من الاية:
هذه الاية الكريمة ترفع معنويات المومنين, فالمومن لا يقنط من رحمة الله ...،فما منا الا و يقع في المعاصي ،تزل قدمه ، ينحرف نحو مخالفةٍ ، عليه الا يقعده اليأس
"إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ "سورة آل عمران : من آية175
الكا فرون هم الذين يقنطون من رحمة الله
قال تعالى :"إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"./يوسف
فكل إنسان مقصِّر, وكل مقصر بإمكانه أن يتلافى قصوره .
لكن لا ينبغي أن نفهم هذه الآية ومثلها من آيات المغفرة والرجاء فهماً خاطئا، بأن يعتقد المرء أن الله تعالى عندما يقول:
" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله"
إذاً هو لا يقنط ، لكنه مقيمٌ على معصيةٍ ويرجو الله عزَّ وجل ، هذا المعنى غير صحيح و ما أراده الله عزَّ وجل .......
يقول تعالى"فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا" سورة الكهف : من آية " 110
ربنا جلَّ جلاله ربط الرجاء بالعمل ، إذا كنت راجياً فعلاً بادر إلى العمل ، بادر
إلى التوبة ، بادر إلى
الاستقامة ، بادر إلى العمل الصالح ،
توبتك ، واستقامتك ، وعملك الصالح يحقِّق رجاءك ، أما إذا رجوت الله عزَّ وجل وأنت على ما
أنت عليه من مخالفات ، ومن تقصيرات ، ومن تجاوزات فهذا رجاء البُلْه ، رجاء الحمقى ، رجاءٌ ما أراده الله ، ورجاءٌ ساذج ......
ربنا عزَّ وجل يقول في آياتٍ أخرى :
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عملا صالحا"سورة الكهف : من آية " 110"
علامة رجائك مبادرتك إلى العمل ، إلى الطاعة ، إلى البذل ، إلى التوبة مما سلف منك من معاصي ، إلى الائتمار بأمر الله عزَّ وجل، إلى التقرُّب إليه ببذل الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، لا تقل: أنا أرجو الله ، وأنت على ما أنت عليه ، هذا ليس رجاء بل
هو تمنِّيات
يقول تعالى :"لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ"سورة النساء : من آية 123
الله جلَّ جلاله لا يتعامل مع التمنِّيات ، ما من إنسانٍ على وجه الأرض إلا ويتمنَّى أن يكون غنياً
،إلا ويتمنَّى أن يكون من أهل الجنَّة ، التمني كلام فارغ ،التمني لا يتعامل الله معه
أبداً .. "لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ "..
تمنَّى ما شئت ، أمنيتك لا ترفع عن مكانها شعرةً ، لكن الرجاء هو ما قارنه العمل
فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا سورة الكهف(110)
إذا كنت ترجو الله حقَّاً تتحرَّك ، بادر ، اقلع عن ذنبٍ ، بادر إلى عملٍ صالح ، التزم طاعة الله عزَّ وجل .
فإذا قلنا : إن هذه الآية أرجى آيةٍ في القرآن الكريم أي أن هذا
الرجاء يتبعه العمل.
ووفقنا الله تعالى إلى طاعته و العمل بمرضاته وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول للأستفادة