الفرق بين قوله تعالى (من إملاق) و (خشية إملاق)
ما الفرق بين الآيتين : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) الأنعام/151 ،
( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ) الإسراء/31 ؟.
الإملاق هو الفقر ، وقد كان من عادة أهل الجاهلية أنهم يئدون بناتهم إما لوجود الفقر ، أو خشية وقوعه في المستقبل ، فنهاهم الله تعالى عن الأمرين .
فالآية الأولى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ ) الأنعام /151 ، واردة على السبب الأول ، أي : لا تقتلوا أولادكم لفقركم الحاصل فإن الله متكفل برزقكم ورزقهم ،
والآية الثانية : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ) الإسراء/31 ، واردة على السبب الثاني ، أي : لا تقتلوا أولادكم خشية أن تفتقروا أو يفتقروا بعدكم ، فإن الله يرزقهم ويرزقكم .
قال ابن كثير رحمه الله :
" وقوله تعالى : ( من إملاق ) قال ابن عباس : هو الفقر ، أي : لا تقتلوهم من فقركم الحاصل .
وقال في سورة الإسراء : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) أي : لا تقتلوهم خوفاً من الفقر في الأجل ( يعني في المستقبل ) ، ولهذا قال هناك : ( نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) فبدأ برزقهم للاهتمام بهم ، أي لا تخافوا من فقركم بسبب رزقهم فهو على الله ، وأما في هذه الآية فلما كان الفقر حاصلاً قال ( نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) لأنه الأهم ههنا ، والله أعلم " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب / الشيخ محمد المنجد
قوله تعالى : ( نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) [الأنعام 151]"...
بدأ هنا برزق الوالدين وفي سورة الإسراء بدأ برزق الأولاد.
والحكمة من ذلك أنّه قال هنا ( من إملاق ) فالإملاق حاصل فبدأ بذكر الوالدين اللذين أملقا.
وهناك قال ( خشية إملاق ) [الإسراء: 31] فهما غنيّان ، لكن يخشيان الفقر فبدأ برزق الأولاد قبل رزق الوالدين.
*"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (9/25).