[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إن الأُسرة، ومنذ بدء الخليقة، وإلى يومنا هذا مرّت بمراحل متعددة، تشابكت فروعها وغُيرت مفرداتها، لاختلاف الظروف الضاغطة عليها، وتبدل القانون الأخلاقي، والتقليد العرفي الذي يسود المجتمع في ظروف مغايرة، ومخالف لما هي عليه الآن.
يقول: (كلود لفي شتراوس) في كتابه الإنسان والحضارة.
[لا بد وأن الإنسان قد عرف نعمة الأسرة من الزواج في تلك المرحلة الباكرة من التطور، ولكنه فقدها فيما بعد ليكتشفها مرة ثانية، وقد أخذ الاتجاه العام يضم إلى صفوفه أعداداً متزايدة من علماء الأنتروبولوجيا التي أخذت تتوافر لهم القناعة بأن الحياة العائلية موجودة عملياً في كل المجتمعات البشرية].
ولذا تعلق الكاتبة.. باسمة كيال في كتابها (تطور المرأة عبر التاريخ) قائلة:
[يمكننا أن نؤكد بأن تكوينات الأسرة البدائية لعناصر الجنس البشري قد عرفت منذ وجود الإنسان في هذه البسيطة، الحياة الاجتماعية، بمفهومها الآحادي والمتعدد، وهذا الدليل الواضح بوجود مجتمع بشري راسخ منذ القدم.
وقد تطور هذا المجتمع بأشكاله المختلفة والمتنوعة، حتى أصبح كما هو عليه في عصرنا الحاضر، يتألف من عناصره الأساسية من الزوج والزوجة والأطفال، الذين جاؤوا إلى هذا العالم نتيجة ذلك الزواج، وأصبحوا نواة الخلايا الاجتماعية التي يتكون منها المجتمع الحديث، وفق نظام وقانون يحدد واجبات الزوج والزوجة، نحو أطفالهم ونحو مجتمعهم، ويشد بعضهم إلى بعض، بموجب علاقات شرعية حقوقية مختصة، وواجبات اقتصادية ودينية تحدد معالم العلاقات الجنسية، والأحاسيس النفسية المتعددة، والعواطف المتبادلة بين الشريكين اللذين تعاهدا على الإخلاص والوفاء مدى العمر].
وبعد رحلة شاقة، استمرت قروناً متعاقبة،حول ما مرّت به الأُسرة، على مر التاريخ بين المد والجزر وما لقيته من اهتمام وإهمال ٍ لحقوقها ونظامها، تأتي الرحمة الربانية، لتحيط الأُسرة باهتمام بالغ الأهمية، وذلك عبر دراسة شؤونها ومختلف ظواهرها، إذ يتوقف على تنظيم الخلية الأولى ثبات المجتمع الإنساني واستقراره، لا سيما وأن الدين الإسلامي، دين اجتماعي، اهتم اهتماماً بالغاً بتنظيم العلاقات الاجتماعية كما هي، واهتم قبل ذلك بتنظيم العلاقات الأُسرية.