(أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب"202")
والنصيب هو الحظ، وأما "مما كسبوا" فنعرف من قبل أن فيه "كسب" وفيه "اكتساب". والاكتساب فيه افتعال، إنما الكسب هو أمر عادي، ولذلك تجد ا الاكتساب لا يكون إلا في الشر؛ كأن الذي يفعل الشر يتكلف فيه، لكن من يفعل الخير فذلك أمر طبيعي من الإنسان. والمقصود بـ"مما كسبوا" هنا هو الكسب من استيفاء أعمالهم التي فعلوها في الحج إحراماً، وتلبية. وطوافاً، وسعياً، وذهاباً إلى "منى"، وذهاباً إلى "عرفات" ووقوفاً بها، وإفاضة إلى "مزدلفة"، ورمياً للجمار. في "منى"، وطواف إفاضة، وكل هذا كسب للإنسان الذي نال شرف الحج.
وعندما تقرأ: "والله سريع الحساب" فنلفهم أن السرعة هي أن يقل الزمن عن الحدث، فبدلا من أن يأخذ الحدث منك ساعة، وقد تنهيه في نصف ساعة، وكل حدث له زمن،والحدث حين يكون له زمن وتريد أن تقلل زمن الحدث فلابد أن تسرع فيه حتى تنجزه في أقل وقت. وتقليل الزمن يقتضي سرعة الحركة في الفعل، وذلك في الأفعال العلاجية التي تحتاج معالجة، وعملاً من الإنسان، لكن سبحانه يفعل بـ"كن" ولا يحتاج عمله إلى علاج، وبالتالي لا يحتاج إلى زمن، إذن فهو سريع الحساب؛ لأنه لا يحتاج إلى زمن، ولأنه لا يشغله شأن عن شأن، وهذا هو الفرق بين قدرة الواحد سبحانه وقدرة الحادث؛ لأن الحادث عندما يؤدي عملاً، فهذا العمل يشغله عن غيره من الأعمال، فلا يستطيع أن يؤدي عمليتين في وقت واحد، لكن الواحد الأحد لا يشغله فعل عن فعل، وبالتالي يفعل ما يريد وقتما يريد ولكل من يريد.
ولذلك سئل الإمام علي بن أبي طالب: كيف يحاسب الله الخلائق جميعاً في لحظة واحدة؟. فقال: "كما يرزقهم في ساعة واحدة". فهو سبحانه الذي يرزقهم، وكما يرزقهم يحاسبهم.
ويقول الحق من بعد ذلك: