بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفرد بالجلال والعظمة والعز والكبرياء والجمال وأشكره شكر عبد معترف بالتقصير عن شكر بعض ما أوليه من الإنعام والإفضال.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله r تسليمًا كثيرًا وعلى آله وأصحابه.
وبعد فلما كانت معجزات النبي r أنوارًا تشرق على القلوب الطافحة بالإيمان وتزيدها قوة وثباتًا واستقامة أحببت أن أذكر ما تيسر منها والله المسؤل أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم.
اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن الله قد جمع لنبينا r جميع أنواع المعجزات والخوارق. أما العلم والأخبار الغيبية والسماع والرؤية.
1- فمثل إخباره: عن الأنبياء المتقدمين وأممهم.
2- ومخاطبته لهم وأحواله معهم.
3- وكذلك إخباره عن أمور الربوبية والملائكة والجنة والنار بما يوافق الأنبياء قبله من غير تعلم منهم، ويعلم أن ذلك موافق لنقول الأنبياء تارة بما في أيديهم من الكتب الظاهرة ونحو ذلك من النقل المتواتر.
4- وتارة بما يعلمه الخاصة من علمائهم.
5- فإخباره عن الأمور الغائبة ماضيها وحاضرها هو من باب العلم الخارق للعادة.
6- وكذلك إخباره عن الأمور المستقبلة.
7- مثل مملكة أمته.
8- وزوال مملكة فارس.
9- والروم.
10- وقتال الترك وألوف مؤلفة من الأخبار التي أخبر بها وأما القدرة والتأثير:-
11- فانشقاق القمر.
12- وكذا معراجه إلى السموات.
13- وكثرة الرمي بالنجوم عند ظهوره.
14- وكذا إسراؤه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
15- وتكثير الماء في عين تبوك.
16- وعين الحديبية.
17- ونبع الماء من بين أصابعه.
18- وكذا تكثير الطعام. ويأتي إن شاء الله بعضها موضحًا مفصلاً قريبًا.
19- وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: "سرنا مع رسول الله r حتى نزلنا واديًا أفيح فذهب رسول الله r يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء فنظر رسول الله r فلم ير شيئًا يستتر فإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق رسول الله r إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال: انقادي علي بإذن الله.
فانقادت معه كالبعير المخشوم الذي يصانع قائده حتى أتى الشجرة الأخرى فأخذ بعض أغصانها فقال: انقادي علي بإذن الله فانقادت كذلك حتى إذا كان بالمنتصف فيما بينهما فلاءم بينهما حتى جمع بينهما، فقال: التئما علي بإذن الله فالتأمتا عليه.
فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله r بقربي فتباعدت فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتة فإذا أنا برسول الله r مقبلاً وإذا الشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق" وذكر الحديث.
20- ومنها أنها انكسرت رجل عبد الله بن عتيك t بعدما قتل أبا رافع الذي يؤذي النبي r قال فانتهيت إلى النبي r فحدثته فقال لي "ابسط رجلك" فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها قط.
21- وقصة أم معبد مشهورة من حديثها أن رسول الله r حين مر بها طلب لبنًا أو لحمًا يشترونه وكانوا مرملين مسنتين فلم يجدوا عندها شيئًا قط فنظر إلى شاة في كسر الخيمة خلفها الجهد عن الغنم، فسألها هل بها من لبن ؟ فقالت: هي أجهد من ذلك، فقال: أتأذنين لي أن أحلبها! فقالت بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبًا.
فدعا بالشاة فاعتقلها ومسح ضرعها فدرت واجترت ودعا بإناء يشبع الرهط فحلب حتى ملأه وسقى القوم حتى رووا ثم شرب آخرهم ثم حلب فيه مرة أخرى عللاً بعد نهل ثم غادره عندها وذهبوا فجاء أبو معبد فلما رآى اللبن قال ما هذا يا أم معبد ؟ أنى لك هذا والشاة عازب حيال ولا حلوبة بالبيت فقالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك فقال صفيه فوصفته له، وذلك في طريق هجرته r إلى المدينة.
وقد قيل في ذلك الأبيات المشهورة قالت أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله r تشير إلى ما ذكر من أنه أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب وأن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول:
جَزَى اللهُ ربُ الناسِ خَيرَ جَزَائه = = = هُمَا نَزَلا بالِبِرَّ ثم تَرَوَّحَا
لِيَهْنِ بَنِيْ كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهم = = = سَلوُا أُخْتَكُم عن شَاتِهَا وَإنائِهَا
دَعَاهَا بشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ = = = فَغَادَرَهُ رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ
رَفِيْقَيْنِ حَلا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ = = = فأَفْلَحَ مَن أَمْسَى رَفِيْقَ مُحَمَّدِ
ومَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِيْنَ بِمَرْصَدِ = = = فِإِنَّكُمُوا إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
لَهُ بصَرِيْحِ ضَرَّةِ الشَّاةِ مُزْبِدِ = = = يُدرُّ لَهَا قي مَصْدَرِ ثُمَّ مَوْرِدِ
فلما سمع حسان بن ثابت أنشأ يقول مجيبًا للهاتف:
لَقَدْ خَابَ قَومٌ زَالَ عنهم نَبِيُّهُم = = = تَرَحَّلَ عن قَوْمٍ فَظَلَّتْ عُقُولُهُمْ
هَداهُم بِهِ بَعْد الضَّلالَةِ رَبُّهُمْ = = = وقَدْ نَزَلَتْ مِنهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبٍ
نَبِيٌ يَرَى مَا لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ = = = وإنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ
لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ = = = وقُدَّسَ مَنْ يَسْرِيْ إليْهِم ويَغْتَدِي
وحَلَّ عَلَى قَومٍ بِنُوْرٍ مُجَدَّدِ = = = وأَرْشَدَهُمْ مَن يَتْبَعِ الحقَّ يَرْشُدِ
ركابُ هُدىً حَلَّتْ علَيْهِم بِأَسْعَدِ = = = ويَتْلُوا كِتَابَ اللهِ فِي كُلِ مَسْجِدِ
فَتَصْدِيْقُهَا فِي اليَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الغَدِ = = =بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللهُ يَسْعَدِ
22- وفي الترمذي عن علي t قال: "كنت مع رسول الله r بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله شجر ولا جبل إلا وهو يقول السلام عليك يا رسول الله" رواه الحاكم في صحيحه.
23- وجاء أعرابي إلى النبي r فقال بم أعرف أنك نبي ؟ قال: "إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول الله ؟" قال: نعم. فدعاه رسول الله r فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي r ثم قال ارجع فعاد، فأسلم الأعرابي.
والله أعلى وصلى الله على محمدٍ.
24- ولما بعثت قريش في فداء أسراهم إلى رسول الله r بعد بدر ففدى كل قوم أسيرهم بما رضول وكان العباس أسيرًا قال يا رسول الله قد كنت مسلمًا فقال رسول الله r "الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخويك" قال العباس: ما ذاك عندي. قال رسول الله r "فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم".
قال والله يا رسول الله لأعلم أنك رسول الله إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل.... إلخ.
25- وقصة ارتجاف أحد وذلك أن النبي r صعد أحدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال رسول الله r أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان.
26- وقصة ماء الركوة وهي ما ورد عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال عطش الناس يوم الحديبية والنبي r بين يديه ركوة يتوضأ فجهش الناس نحوه فقال: "ما لكم ؟" قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك قال جابر فوضع النبي r يده في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا قال سالم قلت لجابر كم كنتم قال لو كنا مائة ألف لكفانا خمس عشر مائة (1500).
27- وقصة موت النجاشي وهي ما ورد عن أم كلثوم بنت أبي سلمة ربيبة رسول الله r قالت لما تزوج النبي r أم سلمة قال لها "إني قد أهديت للنجاشي أواقي من مسك وحلة وإني لا أراه إلا قد مات ولا أرى الهدية إلا سترد إلي، فإذا ردت إلي فهي لك" فكان كما قال r، مات النجاشي وردت إلى النبي r هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك وأعطى سائره أم سلمة.
28- وقصة عكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي حينما اندفع يقاتل المشركين يوم بدر ويحصد فيهم حصدًا حتى انكسر سيفه فلم يثنه ذلك عن خوض المعركة ولم يتخذ من كسر سيفه معذرة عن القتال فجاء إلى النبي r يخبره بكسر سيفه وإرادة غيره فدفع r له جذلاً من حطب فقال له قاتل بهذا يا عكاشة.
فلما أخذه عكاشة من رسول الله r هزه فعاد في يده سيفًا صارمًا طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل به t حتى فتح الله تعالى على المسلمين ولم يزل عنده ذلك السيف يشهد به المشاهد مع رسول الله r حتى استشهد في قتال الردة في خلافة أبي بكر الصديق t.
29- وقصة عمير بن وهب الجمحي وذلك أنه كان مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر وكان عمير شيطانًا من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله r وأصحابه ويلقون منه عناء وهو بمكة وكان ابنه وهب ابن عمير في أسارى بدر قال فذكر عمير أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان والله ما في العيش بعدهم خير.
قال عمير صدقت والله أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي قبلهم علة ابني أسير في ي
أيديهم قال فاغتنمها صفوان وقال علي دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء يعجز عنهم.
فقال عمير فاكتم شأني وشأنك قال أفعل ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر وما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ راحلته على باب المسجد، متوشحا السيف، فقال عمر هذا الكلب عدو الله والله ما جاء إلا لشر.
ثم دخل عمر على رسول الله r فقال يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب، قد جاء متوشحًا سيفه، قال فأدخله علي فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها.
وقال لرجال من الأنصار ادخلوا على رسول الله r فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ثم دخل به على رسول الله r فلما رآه رسول الله r قال أرسله فدنا عمير.
فقال رسول الله r "فما جاء بك يا عمير ؟" قال جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه يعني ولده قال فما بال السيف في عنقك قال قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنك شيئًا قال "أصدقني ما الذي جاء بك" قال ما جئت إلا لذلك.
قال رسول الله r "بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك".
فقال عمير أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا الساق ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله r "فقهوا أخاكم في دينه واقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره" ففعلوا.. إلخ، والله أعلم وصلى الله على محمد.
شعرا:
فُوَآدٌ مَا يَقِرُّ لَهُ قَرَارٌ = = = ولَيْلٌ طَالَ بالأَنكادِ حَتَّى
ولِمَ لا والتُّقَى حُلَّتْ عُرَاهُ = = = لِبَيْكِ مَعِيْ على الدِّيْنِ البَوَاكِي
وقدْ هُدَّتْ قَوَاعِدُهُ اعْتِدَاءً = = = وَأَصْبَحَ لا تُقَامُ لَهُ حُدُوْدٌ
وَعَادَ كَما بَدَا فِيْنَا غَرِيْبًا = = = فقد نَقَضُوا عُهُودَهُمُوا جِهَارًا
وأَجْفَانٌ مَدَامِعُهَا غِزَارُ = = = ظننتُ الليلَ لَيَس لَهُ نَهَارُ
وبانَ عَلَى بَنِيْهِ الانْكِسَارُ = = = فَقَدْ أَضْحَتْ مَوَاطِنُه قِفَارُ
وَزَالَ بِذَاكُمُوْا عنه الوَقَارُ = = = وأَمْسَى لا يُبَنَّ لَهُ شِعَارُ
هُنَالِكَ مَالَهُ في الخَلْقِ جَارُ = = = وأَسْرُفوا فِي العَدَاوَةِ ثُمَّ سَارُوْا
اللهم إنك تعلم سرنا وعلانيتنا وتسمع كلامنا وترى مكاننا لا يخفى عليك شيء من أمرنا نحن البؤساء الفقراء إليك المستغيثون المستجيرون بك نسألك أن تقيض لدينك من ينصره ويزيل ما حدث من البدع والمنكرات ويقيم علم الجهاد ويقمع أهل الزيغ والكفر والعناد ونسألك أن تغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.
30- وقصة حنين الجذع ما ورد عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله r ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه فإن لي غلامًا نجارًا قال إن شئت قال فعملت له المنبر فلما كان يوم الجمعة قعد النبي r على المنبر الذي صنع فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشق فنزل النبي r حتى أخذها فضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت.
31- وقصة عكة أم سليم لما ورد عن أنس عن أمه قالت كانت لنا شاة جمعت من سمنها في عكة فملأت العكة ثم بعثت بها مع ربيبة فقالت يا ربيبة فبلغي هذه العكة رسول الله r يأتدم بها فانطلقت بها الربيبة حتى أتت رسول الله r فقالت يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سليم فقال أفرغوا لها عكتها ففرغت العكة فدفعت إليها فانطلقت بها.
وجاءت وأم سليم ليست في البيت فعلقت العكة على وتد فجاءت أم سليم قرأت العكة ممتلئة تقطر فقالت أم سليم يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله r فقالت قد فعلت فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله r فانطلقت ومعها الربيبة.
فقالت يا رسول الله إني قد بعثت معها إليك بعكة فيها سمن قال قد فعلت قد جاءت قالت والذي بعثك بالحق ودين الحق إنها لممتلئة تقطر سمنا قال: فقال لها رسول الله r "يا أم سليم أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعم نبيه كلي وأطعمي" قالت فجئت إلى البيت فقسمت في قعب لنا كذا وكذا وتركت فيها ما ائتدمنا به شهرين.
32- وقصة طيب عتبة صاحب رسول الله r قالت أم عاصم امرأة عتبة بن فرقد كنا عند عتبة ثلاث نسوة ما منا واحدة إلا وهي تجتهد في الطيب لتكون أطيب من صاحبتها وما يمس عتبة بن فرقد طيبًا إلا أن يلتمس دهنًا وكان أطيب ريحًا منا فقلت له في ذلك.
فقال أصابني الشرى "حكة في الجلد" على عهد رسول الله r فأقعدني رسول الله r بين يديه فتجردت وألقيت ثيابي على عورتي فنفث رسول الله r في كفه ثم دلك بها الأخرى ثم أمرهما على ظهري فعبق بها ما ترون.
33- وقصة قتادة بن النعمان فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله r خرج ذات ليلة لصلاة العشاء وهاجت الظلماء من السماء وبرقت برقة فرأى رسول الله r قتادة بن النعمان فقال رسول الله r قتادة ؟ قال نعم يا رسول الله علمت إن شاهد الصلاة الليلة قليل فأحببت أن أشهدها.
فقال له رسول الله r إذا انصرفت فأتني فلما انصرف أعطاه رسول الله r عرجونًا وقال "خذه فسيضيء أمامك عشرًا وخلفك عشرًا".
34- وقصة أبي جابر وهي ما ورد عن جابر بن عبد الله t قال توفي أبي شهيدًا في أحد وعليه دين فاستعنت النبي r على غرمائه أن يضعوا من دينه فطلب النبي r فلم يفعلوا فقال لي النبي r "اذهب فصنف تمرك أصنافًا العجوة على حدة وعذق زيد على حدة" (أنواع التمر).
ثم أرسل إلى قال جابر: ففعلت ثم أرسلت إلى رسول الله r فجلس على أعلاه أو في وسطه ثم قال كل للقوم قال جابر فكلتهم حتى أوفيتهم الذي لهم وبقي تمري كأن لم ينقض منه شيء.
35- وقصة حاطب بن أبي بلتعة وذلك أن رسول الله r عندما أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال "اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش، حتى نبغتها في بلادها" فلما أجمع رسول الله r على المسير، كتب حاطب كتابًا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله r من الأمر بالسير إليهم.
ثم أعطاه امرأة وجعل لها عطاء على أن تبلغ قريشًا فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها "جدائلها".
وأتى رسول الله r الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث رسول الله r علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ـ رضي الله عنهما ـ فقال أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما أجمعنا عليه في أمرهم.
فخرجا حتى أدركاها بالخليقة "اسم موضع" فاستنزلاها فالتمسا في رجلها فلم يجدا شيئا فقال لها علي بن أبي طالب إني أحلف بالله ما كذب رسول الله r ولا كذبًا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك.
فلما رأت الجد قالت أعرض فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه فأتى به رسول الله r فدعا رسول الله r حاطبًا فقال يا حاطب ما حملك على هذا !؟.
فقال يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولآبدلت ولكني امرؤ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم.
فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق، فقال رسول الله r "وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم" فأنزل الله: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ[. والله أعلم وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه وسلم.
36- وقصة لبن أهل الصفة وذلك أن أبا هريرة قعد يومًا على الطريق فمر به رسول الله r فتبسم حين رآه وعرف ما في نفسه وما في وجهه ثم قال "يا أبا هريرة" قال قلت لبيك يا رسول الله قال الحق ومضى فتبعته فاستأذن فأذن لي فدخل فوجد لبنًا في قدح فقال من أين هذا اللبن قالوا من فلان أو فلانة.
قال أبا هر قلت لبيك يا رسول الله قال الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي قال أبو هريرة فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها فإذا جاؤا أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسي أن يبلغني من هذا اللبن.
قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت فقال يا أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله خذ فأعطهم قال فأخذت القدح فجعلت أعطي الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح. حتى انتهيت إلى النبي r وقد روي القوم كلهم.
فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم فقال يا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله قال بقيت أنا وانت قلت صدقت يا رسول الله قال أقعد فاشرب فقعدت فشربت فقال اشرب فشربت فلا زال يقول اشرب حتى قلت والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكًا.
قال فأرني فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة .
عبد العزيز بن محمد السلمان