(يا بني إسرائيل نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين "47")
يدعي بعض الناس أن هناك تكرار. للآيات السبع التي سبق فيها تذكير بني إسرائيل. نقول: لا لم تتكرر هذه الآيات .. وهي قوله تعالى:
{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون "40" وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون "41" ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "42" وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين "43" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنت تتلون الكتاب أفلا تعقلون "44" واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين "45" الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون "46"}
(سورة البقرة)
هذه الآيات السبع كلها تذكر بني إسرائيل. برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي جاء وصف صفاته وزمنه في التوراة ولتذكيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو نعمة إليهم وإلى الناس جميعا. وإذا كان الله قد فضل بني إسرائيل بأن أرسل رسلا. فليس معنى ذلك أن ينكروا نعمة الله عليهم بالرسول الخاتم. وبما أن أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرت في التوراة وطلب منهم أن يؤمنوا به وينصروه فإن عدم إيمانهم به هو كفر بالتوراة. كما أن الإنجيل بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم وطلب منهم أن يؤمنوا به. فعدم إيمانهم به كفر بالإنجيل.
وقوله تعالى: "اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم" أي اذكروا أنني جعلت في كتابكم ما يثبت صدق محمد صلى الله عليه وسلم في نبوته. والمعنى اذكروا نعمتي بأني فضلتكم على العالمين ممن عاصروكم وقت نزول رسالة موسى. وجعلت منكم الأنبياء. ومادام الحق سبحانه وتعالى .. قد فضلهم على العالمين .. فكيف يمن عليهم؟ نقول المن هنا لشدة النكاية بهم. فالله سبحانه وتعالى. لشدة معصيتهم وكفرهم واقرأ قوله تعالى:
{ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردةً خاسئين "65" }
(سورة البقرة)
وقوله تعالى:
{قل هل أنبئكم بشرٍ من ذلك مثوبةً عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل "60"}
(سورة المائدة)
فالله سبحانه وتعالى يبين لنا كيف كفر بنوا إسرائيل بأنبيائهم وقتلوهم. رغم أن الله تعالى أعطاهم خيرا كثيرا .. ولكنهم نكثوا العهد .. فاستحقوا العذاب. فهم لم يجعلوا نعمة الله عليهم سببا في إخلاصهم والإيمان به سبحانه وتصديق منهجه. وتصديق الرسول الخاتم الذي ذكر عندهم في التوراة. كان يجب أن يؤمنوا بالله وأن يذكروا نعمه الكثيرة التي تفضل بها عليهم.
والحق يريد أن يلتفنا إلي أنه مادام قد أنعم عليهم .. فلا يظنون أنهم غير مطالبين بالإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام. وإنما كان لابد أن يفهموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليصحح لهم كتابهم. ويوضح لهم الطريق الصحيح .. فكان يجب عليهم أن ينصروه. والنعمة لا يمكن أن تستمر مع الكفر بها. وحتى لا نظن أن الله سبحانه وتعالى قد قسا عليهم بأن جعلهم أمما متفرقة في الأرض كلها. ثم بعد ذلك يجمعون في وطن واحد ليقتلوا .. واقرأ قوله تعالى:
{وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض}
(من الآية 104 سورة الإسراء)
أي أرض تلك التي طلب الله سبحانه وتعالى من بني إسرائيل أن يسكنوها؟ مادام الحق سبحانه وتعالى قال: "اسكنوا الأرض" فهي الأرض كل الأرض. وهل تكون الأرض كلها وطنا لليهود. طبعاً لا. ولكن الحق سبحانه كتب عليهم أن يتفرقوا في الأرض. فلا تكون لهم دولة إلا عندما يشاء الله أن يجمعهم في مكان واحد. ثم يسلط عليهم عباده المؤمنين. والحق سبحانه وتعالى يقول:
{وقضينا إلي بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيراً "4" فإذا جاء وعد أولهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولى بأسٍ شديدٍ فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً "5" ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنين وجعلنكم أكثر نفيراً "6"}
(سورة الإسراء)
هذه هي المرة الأولى التي انتصر فيها المسلمون على اليهود. يقول الحق سبحانه وتعالى. "ثم رددنا لكم الكرة عليهم" ومادام الحق سبحانه وتعالى قال عليهم فهي على المسلمين. لأنهم هم الذين انتصروا على اليهود. وقوله تعالى: "وأمددناكم بأموال وبنين" معناها أنهم ينتصرون على المسلمين وهذا ما هو حادث الآن، وما شاهدناه وما نشاهده في الفترة الأخيرة. أي أن المدد والقوة تأتيهم من الخارج وليس من ذاتهم.
ونحن نرى أن إسرائيل قائمة على جلب المهاجرين اليهود من الدول الأخرى وجلب الأموال والمساعدات من الدول الأخرى أيضا. أي أن كل هذا يأتيهم بمدد من الخارج. وإسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلا بالمهاجرين إليها. وبالمعونات التي تأتيها. بالمدد لابد أن يأتي من الخارج. إذا كانت هناك معركة وطلب قائد المدد .. فمعناه أنه يريد رجالا يأتونه من خارج أرض المعركة ليصبحوا مددا وقوة لهذا الجيش. وقوله تعالى: "وجعلناكم أكثر نفيرا" النفير هو الصوت العالي الذي يجذب الانتباه. ونحن نرى الآن أن إسرائيل تسيطر على وسائل الإعلام والدعاية في العالم. وأن صوتها عال ومسموع .. ويقول الحق سبحانه وتعالى: "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة" .. ومعنى هذا أن المسجد الأقصى سيضيع من المسلمين ويصبح تحت حكم اليهود فيأتي المسلمون ويحاربونهم ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ويقول الله تعالى: "فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا" واللفيف هو الجمع غير المتجانس. الذي يتنافر مع نفسه ومع من حوله. وبما أن الله سبحانه وتعالى قد قضى أن يحدث قتال بين اليهود وبين المسلمين .. يستعيد فيه المسلمون المسجد الأقصى. فكان لابد أن يجمعهم في مكان واحد. لأنهم لو بقوا كجاليات متفرقة في كل دول العالم ومعزولة عن المجتمعات التي يعيشون فيها لاقتضى ذلك أن يحارب المسلمون العالم كله. ولكن الله سبحانه وتعالى سيأتي بهم من كل دولة إلي المكان الذي فيه بيت المقدس حتى يمكن أن يحاربهم المسلمون، وأن يدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة.
فالحق سبحانه وتعالى يذكر بني إسرائيل بنعمه عليهم. وبمعاصيهم وكفرهم حتى لا يقول أحد إن الله سبحانه كان قاسيا عليهم لأنهم هم الذين كفروا. وهم الذين عصوا وأفسدوا في الأرض. فاستحقوا هذا العقاب من الله سبحانه وتعالى.