حكم المرض وفوائده:
1. استخراج عبودية الضراّء وهي الصبر:
- إذا كان المرء مؤمنًا حقًا فإن كل أمره خير، كما قال عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراّء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراّء صبر فكان خيراً له» [رواه مسلم، 2999].
2. تكفير الذنوب والسيئات:
- مرضك أيها المريض سبب في تكفير خطاياك التي اقترفتها بقلبك وسمعك وبصرك ولسانك، وسائر جوارحك.
- فإن المرض قد يكون عقوبة على ذنب وقع من العبد، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [سورة الشورى: 30].
- يقول المعصوم -صلى الله عليه وسلم-: «ما يصيب المؤمن من وَصب، ولا نصب، ولا سقَم، ولا حزن حتى الهمّ يهمه، إلا كفر الله به من سيئاته» [رواه البخاري 5641].
3. كتابة الحسنات ورفع الدرجات:
- قد يكون للعبد منزلة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، لكن العبد لم يكن له من العمل ما يبلغه إياها، فيبتليه الله بالمرض وبما يكره، حتى يكون أهلا لتلك المـنزلة ويصل إليها.
- قال عليه الصلاة والسلام: «إن العبد إذا سبقت له من الله منـزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صبّره على ذلك، حتى يبلغه المنـزلة التي سبقت له من الله تعالى» [صحيح أبي داود للألباني 2/597].
4. سبب في دخول الجنة:
- قال -صلى الله عليه وسلم-: «يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرِّضت بالمقاريض» [صحيح الترمذي للألباني 2/287].
5. النجاة من النار:
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عاد مريضًا ومعه أبو هريرة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أبشر فإن الله عز وجل يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة» [السلسلة الصحيحة للألباني 557].
6. ردّ العبد إلى ربه وتذكيره بمعصيته وإيقاظه من غفلته:
- من فوائد المرض أنه يرد العبد الشارد عن ربه إليه، ويذكره بمولاه بعد أن كان غافلا عنه، ويكفه عن معصيته بعد أن كان منهمكًا فيها.
7. البلاء يشتد بالمؤمنين بحسب إيمانهم:
- قال عليه الصلاة والسلام: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» [حسنه الألباني في صحيح الترمذي 2/286].
* بشرى للمريض:
- ما كان يعمله المريض من الطاعات ومنعه المرض من فعله فهو مكتوب له، ويجري له أجره طالما أن المرض يمنعه منه.
- قال -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» [رواه البخاري 2996].
* الواجب على المريض:
- الواجب على المريض تجاه ما أصابه من مرض هو أن يصبر على هذا البلاء، فإن ذلك عبودية الضراء.
- والصبر يتحقق بثلاثة أمور:
1. حبس النفس عن الجزع والسخط.
2. وحبس اللسان عن الشكوى للخلق.
3. وحبس الجوارح عن فعل ما ينافي الصبر (عدة الصابرين لابن القيم ص 13).
* أسباب الصبر على المرض:
1. العلم بأن المرض مقدر لك من عند الله، لم يجر عليك من غير قبل الله.
- قال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [سورة التوبة: 51]، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا} [سورة الحديد: 22].
- قال عليه الصلاة والسلام: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة» [رواه مسلم 2653].
2. أن تتيقن أن الله أرحم بك من نفسك ومن الناس أجمعين:
- عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- سبيٌ، فإذا امرأة من السبي وجدت صبيًا فأخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟»، قلنا: "لا، وهي تقدر أن لا تطرحه"، فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها» [رواه البخاري 5999].
3. أن تعلم أن الله اختار لك المرض، ورضيه لك والله أعلم بمصحتك من نفسك:
- إن الله هو الحكيم يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها، فما أصابك هو عين الحكمة كما أنه عين الرحمة.
4. أن تعلم أن الله أراد بك خيرًا في هذا المرض:
- قال عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيرًا يصب منه» [رواه البخاري 5645]. أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها.
5. تذكر بأن الابتلاء بالمرض وغيره علامة على محبة الله للعبد:
- قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم» [صحيح الترمذي للألباني 2/286.]
6. أن يعلم المريض بأن هذه الدار فانية، وأن هناك دارًا أعظم منها وأجل قدرًا:
- فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
- قال – صلى الله عليه وسلم -: «يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم: هل رأيت خيرًا قط؟، هل مرّ بك نعيم قط؟، فيقول: لا والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط ؟ هل مرّ بك شدة قط ؟ فيقول: لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط» [رواه مسلم 2807] – الصبغة أي يغمس غمسة.
7 . التسلي والتأسي بالنظر إلى من هو أشد منك بلاء وأعظم منك مرضًا:
- قال عليه الصلاة والسلام: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» [رواه مسلم 2963].
وأسأله سبحانه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.