فقوله (( إنما الأعمال بالنيات )) مبتدأ وخبر، ( الأعمال ): مبتدأ، و ( النيات ): خبره ،
(( وإنما لكل امرئٍ ما نوى ))
أيضا مبتدأ وخبر، لكن قُدِّمَ الخبر على المبتدأ ،لأن المبتدأ في قوله : ((وإنما لكل امرئٍ ما نوى )) هو : ( ما نوى ) متأخر.
قوله :
(( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله )) : هذه جملة شرطية، أداة الشرط فيها : ( من )، وفعل الشرط : ( كانت )، وجواب الشرط (( فهجرته إلى الله ورسوله )).
وهكذا نقول في : ( ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها .... ) في الإعراب .
أما في اللغة فنقول :
( الأعمال ) : جمع عمل، ويشمل : أعمال القلب وأعمال النطق وأعمال الجوارح ،
فتشمل هذه الجملة الأعمال بأنواعها.
فالأعمال القلبية : ما في القلب من الأعمال :كالتوكل على الله والإنابة إليه والخشية منه وما أشبه ذلك ،
هذه أعمال قلبية.
والأعمال النطقية :أعمال اللسان، وما أكثر أقوال اللسان، ولا أعلم شيئاً من الجوارح أكثر عملاً من اللسان ،
اللهم إلا أن تكون العين أو الأذن .
والأعمال الجوارحية : أعمال اليدين والرجلين وما أشبه ذلك.
قوله ( الأعمال بالنيات ))
: النيات : جمع نية ، وشرها: العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله تعالى، وهي : القصد ، ومحلها : القلب ، فهي عمل قلبي ولاتعلق للجوارح بها .
قوله : (( وإنما لكل امرئ ))
أي لكل إنسان ( ما نوى ) : أي ما نواه،
وهنا مسألة :
هل هاتان الجملتان ، هل هما بمعنى واحد أو هما مختلفتان ؟
الجواب :
يجب أن نعلم أن الأصل في الكلام التأسيس دون التوكيد، ومعنى التأسيس: أن الثانية لها معنى مستقل ، ومعنى التوكيد أن الثانية بمعنى الأولى .
وللعلماء رحمهم الله في هذه المسألة رأيان:
أولهما أن الجملتين بمعنىً واحد، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( إنما الأعمال بالنيات )) .وأكد ذلك بقوله : (( وإنما لكل امرئٍ ما نوى ))
والرأي الثاني: أن الثانية غير الأولى، فالكلام من باب التأسيس لا من باب التوكيد.
**والقــاعدة:**
أنه إذا دار الأمر بين كون الكلام تأسيساً أو توكيداً فإننا نجعله تأسيساً وأن نجعل الثاني غير الأول ، لأنك لو جعلت الثاني هو الأول صار في ذلك تكرار يحتاج إلى أن نعرف السبب.
والصواب : أن الثانية غير الأولى ، فالأولى : باعتبار المنوي وهو العمل ، والثانية : باعتبار المنوي له وهو المعمول له ،
هل أنت عملت لله أو عملت للدنيا ؟
ويدل لهذا ما فَرَّعَهُ النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ))، وعلى هذا فيبقى الكلام لا تكرار فيه.