بســم الله الرحمن الرحيــم
الحمد لله رب الارباب و مسخر السحاب
و الصلاه و السلام على خير الانام مبعوث الرحمن رحمه للعالمين , سيدنا و حبيبنا محمد و على اله و صحبه اجمعين
اخواني و اخواتي احييكم بخير تحيه , تحيه الاسلام و السلام
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
لقد اتنشرت الكثير من العلوم التي تعنى بمجالات دراسه النفس البشريه و الطرق المثلى لتنميتها و تطوير مهاراتها , و تحسين قدرات الاتصال بين الانسان و نفسه و بينه و بين الاخرين , و ذلك تحت مسميات عديده كالتمنيه البشريه , علم النفس , فن الاتصال و البرمجه اللغويه العصبيه
هذه العلوم تلقى اقبال و تحظى استحسان كبير لدى الناس, ذلك محصله لطبيعه الانسان التي فطره الله عليها كونه كائن اجتماعي لا يستطيع العيش من دون الاخرين , فذلك سيدنا آدم عليه السلام الذي كان في نعيم الجنه الا انه كان حزينا الى ان خلق له الله امنا حواء تشاركه حياته
و كان الانسان دائما في صراع و سعي لأجل تطوير الذات و تحسينها ما يجعله دائم التلهف و السعي لتحقيق هذه الغايه
هذه الاسباب وغيرها كانت السر الكامن و راء النجاح و الجدال الذي يحيط بهذه العلوم الاجتماعية.
ومن يتأمل في سيره الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم ليجد الكثير من المواقف التي تستحق ان يقف عليها و يتأملها
قال تعالى :{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (الأحزاب:21)
واسأل الله ان يوفقنا لنعرض بعض هذه المواقف من سيرته العطره
الا اننا و قبل ان نبدء فأني احب ان اذكر نفسي و اياكم بشئ مهم و هو
اننا لا نقارن بين منهج علوم التنميه البشريه و بين افعال الرسول و ذلك لما تحتويه هذه العلوم من افكار و معتقدات غنوصيه و ميتافيزيقيه و فلسفات طوباويه و كنوفوشسيه , فلا نريد ان نصيّر النبي صلى الله عليه و سلم استاذا في التنميه البشريه و نصيّر رساله الاسلام رساله فلسفيه روحيه مستمده من الينج يانج و غيرها من فلسفات الشرق
فأسلوب المصطفى علم مستقل بحد ذاته و هو ما يندرج تحت راية السنه النبوية الشريفة , والتي هي اقوال و افعال الرسول الكريم , فلا نريد ان نخرج افعاله من دائره سنته و نجعلها في دائره علوم اخرى ، كما فعل المستشرقون الذين صيروا سيدنا محمد عظيما و صيّرو دينه مجموعه افكار مستمده من التوراه و الانجيل
و بياض القول ان السنه هي من العلوم المقدسه الكامله التي ليس فيها نقصان فلا يجوز ان نقارنها بأي علم دون القرآن الكريم و انما هدفنا يجب ان يكون دراسه السنه لتعميق معرفتنا به صلى الله عليه و سلم ما يجعلنا نحبه و نعرف كيفيه الكينونه على سنته مستعينين بالادوات العلمية المساعده , و اسأل الله ان يوفقنا لذلك و ان يغفر لنا خطايانا و زلاتنا
"وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ " هود 88
اولا: فن التأثير و الاتصال عند المصطفى(1)
مما تعنى به هذه العلوم هو فن الاتصال , و الاتصال هو فن التواصل مع الاخرين سواء كان من خلال فهم افكارهم او توصيل افكارك اليهم , و في هذا الصدد اورد لكم قصه في حياه الحبيب تظهر فنه في الاقناع
الموقف الاول
عن أبي أمامة قال :
إن فتى شابا اتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! ائذن لي بالزنى . فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا مه مه ! فقال : ادنه . فدنا منه قريبا . قال : فأجلس . قال أتحبه لأمك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم . قال أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله ! جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم . قال أتحبه لأختك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم . قال أتحبه لعمتك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم . قال أتحبه لخالتك ؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك . قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم . قال : فوضع يده عليه ، وقال : اللهم ! اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه . فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء . ( وسنده صحيح )
الوقفه
في هذا الموقف اتى شاب الى النبي صلى الله عليه و سلم و اصحابه الكرام و تجرئ على ان يطلب مثل هذا الطلب من اعف الناس !!!, عندها همّ الصحابه بزجره و ثار غضبهم عليه و رده الفعل هذه تبدو طبيعيه ,اذ انه و من الغريب جدا ان تأتي الى مجلس ذكر و تطلب الاذن بالمعصيه , الا ان الحبيب صلى الله عليه و سلم كان له موقف اخر يستحق التحليل :
1- دعونا نراجع الموقف و نتخيل لو ان الرسول صلى الله عليه و سلم كان قد سمح للصحابه بالثور على الشاب او امرهم بضربه فما كان يمكن ان تصير اليه الامور؟ , بالتأكيد كان الشاب ليخرج مقطب الحاجبين و يهم بفعل المعصيه , الا ان نبينا محمد لم ينظر الى الامر من منظوره الشريف بل نظر اليه من منظور ذلك الشاب , و رؤيه اسباب و نوايا الافعال لدى الاخرين تساعد دائما على فهم المشكله و بالتالي حلها و معرفه كيفيه معالجتها , بل و هي من ابرز اسرار و مفاتيح فن الاتصال .
2- لقد طلب النبي صلى الله عليه و سلم من الشاب ان يدنو منه و اجلسه بجواره , هذا الطلب يكسر حاله الغضب لدى الشاب الثأر المطالب بكسر القواعد و الثوابت , فتقريب الشخص منك دليل على المحبه و الناس تسمع كلام من تحب .
3-في الخطوة الاولى قام النبي صلى الله عليه و سلم برؤية الموقف من منظور الشاب مما اوصله الى فهم شعوره الا ان هذا ليس بكاف لأقناع الشاب و اعداله عن قراره فكان لابد من ان يجعل الشاب يرى الموقف من وجهه نظر الطرف الاخر , و هذا ماحدث فقد صور له الزنى يقع بأهله و سأله ان كان يرضيه ذلك و هذا السؤال نقل الشاب من موقع الفاعل الى موقع المفعول به و تكرير لسؤال للشاب نقل احساسه من احساس الرغبه في الزنى الى الرغبه في العفه
هذه وقفتنا الأولى و بإذن الله نكمل هذا الموضوع على حلقات لنضمن قرائتنا الممعنة و تفكرنا بأخلاق النبي صلى الله عليه و سلم
انتظرونا في القسم الثاني من هذا الباب إن شاء الله
و صلى اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم
( منقول الفكرة )