ذاكرة طفلك
لكل منا ذكرى أو اثنتين يتذكرهما منذ الطفولة البعيدة، ولكن إلى أى مدى نستطيع بالفعل أن نتذكر أيام الطفولة؟
تتغير الذاكرة وتنمو مع نمو الطفل. لحسن حظ الأمهات، يستطيع الطفل أن يتذكر صوت أمه منذ لحظة ولادته كما أن المولود الذى يرضع من أمه يستطيع تمييز رائحة أمه فى عمر أسبوع، أى أن المولود الصغير يستطيع أن يتذكر أمه منذ البداية! رغم أن هذا لن يساعده على النجاح فى امتحانات المدرسة، إلا أنها تعتبر بداية نمو الذاكرة عند الطفل. يقول الخبراء أن المولود فى عمر ستة أسابيع يستطيع أن يتذكر الأشياء لمدة 24 ساعة، بينما الطفل فى عمر الستة عشر شهراً يمكن أن يحتفظ بالذكريات لمدة أربعة أشهر!
بالنسبة لأغلبنا ككبار، نستطيع أن نتذكر بعض الأشياء منذ أن كنا فى سن الثالثة أو الثالثة والنصف، لكن لا تتعجلى بإنفاق كل مدخراتك على رحلة سفر تذكارية بمجرد أن يصل طفلك إلى سن الرابعة، فإذا كنت تريدين هذه الرحلة أن تبقى فى ذاكرة طفلك، من الأفضل أن تنتظرى قليلاً لأن ذكريات هذا السن الصغير لا تكون واضحة. تبدأ ذاكرة أغلب الأطفال فى الاحتفاظ بذكريات واضحة ما بين سن الخامسة والسادسة.
نحن ككبار نتساءل أحياناً ما إذا كنا بالفعل نتذكر الأشياء التى نعتبرها ذكريات قديمة أم أننا قد نسجنا نحن هذه الذكريات من الحكايات التى كنا نسمعها من آبائنا وأقاربنا على مر السنين. تقول د. جوزيت عبد الله – أستاذ مساعد الطب النفسى: “تبدو معظم ذكرياتنا القديمة مهزوزة وغير واضحة، إلا أن هناك أحداث أو مواقف معينة فقط هى التى تكون واضحة. لكن الكثير من الذكريات تكتمل بالمعلومات والتفاصيل التى يذكرها الآباء والمحيطون بالطفل. هناك خط غير واضح بين الذكريات الحقيقية وبين ما قد يتحول إلى ذكريات نتيجة الحكايات والأوصاف التى نستمع لها.” تشير الأبحاث إلى أن هذه النوعية من مناقشة الذكريات مع الطفل تساعد على تكوين ذاكرة أفضل له.
تشير بعض الأبحاث إلى أن الأفراد الذين يعيشون فى مجتمعات مختلفة تنمو ذاكرتهم بطرق مختلفة. المجتمعات التى تركز وتهتم بالتاريخ الشخصى والعائلى للفرد يتمتع أفرادها بذكريات أبعد من الأفراد الذين يعيشون فى مجتمعات لا تهتم بهذه الأمور. عندما يناقش الأبوان أو الأقارب حدث معين ويشجعون الطفل على إعادة سرد الحدث، يصبح الحدث أكثر وضوحاً فى ذاكرة الطفل. فإذا كنت تريدين تقوية ذاكرة طفلك، اسألى طفلك أسئلة تشجعه على التحدث عن ذكرياته.
بناء مهارات الذاكرة
هذه الألعاب تعليمية وممتعة فى نفس الوقت وبعضها مناسب للأطفال الذين لا يستطيعون بعد القراءة. لتشجيع ذاكرة الطفل، حاولى استخدام مجموعة من الألعاب القصيرة بدلاً من لعبة واحدة تستغرق وقتاً طويلاً. ألعاب الذاكرة مسلية أثناء السفر الطويل أو أثناء الانتظار فى عيادة الطبيب على سبيل المثال.
· كروت الذاكرة: قومى بقص 50 كارت بنفس المقاس ثم ارسمى على كل كرتين نفس الشكل – يمكنك استخدام ستيكرز أو رسم أشكال بنفسك. اخلطى الورق ثم رصيه مقلوباً على منضدة أو لوحة. يبدأ كل لاعب فى قلب كرتين فى كل مرة، وعندما ينجح اللاعب فى قلب ورقتين متشابهتين، يأخذهما. فى النهاية الفائز هو الذى يجمع أكبر عدد من الكروت.
· “ذهبت فى رحلة”: يقول اللاعب الأول، “ذهبت فى رحلة وأخذت معى…” ويحدد شيئاً يبدأ بحرف الألف، (على سبيل المثال، أستيكة)، ثم يضيف اللاعب الثانى قائلاً، “ذهبت فى رحلة وأخذت معى أستيكة و…” ويحدد شيئاً يبدأ بحرف الباء (على سبيل المثال، برتقالة)، وهكذا. يأخذ كل لاعب دوره واللاعب الذى ينسى ذكر أحد هذه الأشياء يخرج من اللعبة.
· “فاكر ولا ناسى”: ضعى 20 قطعة من أشياء مختلفة على صينية. اتركى اللاعبين ينظرون إلى الأشياء لمدة دقيقتين ثم ارفعى الأشياء من على الصينية. يقوم بعد ذلك كل لاعب بكتابة الأشياء التى يتذكرها، والفائز هو الذى يتذكر أكبر عدد من الأشياء.
قد تبدو القراءة للطفل الصغير الذى لن يتذكر القصة أو قد يبدو اللعب مع طفل أكبر ألعاباً تعليمية لن يتذكرها عندما يكبر تضييعاً للوقت، إلا أن تعليم طفلك واللعب معه لا يمكن أن يكون تضييعاً للوقت. من نفس المنطلق، فالذكريات شديدة الألم قد يبقى أثرها فى ذاكرة الطفل حتى لو كان الطفل أصغر من أن يتذكرها. لن نستطيع بالطبع حماية أطفالنا من المرور ببعض التجارب السيئة وكثير من هذه التجارب سينساها الطفل، لكن هناك فرق بين بعض الذكريات القليلة السيئة وبين طفولة تعيسة. الأطفال الذين يعانون من طفولة بائسة يحتفظون بداخلهم ببعض الذكريات المبكرة من حياتهم. توضح د. جوزيت قائلة: “قد تبقى هذه الذكريات مع الطفل وتصبح جزءاً من عقله الباطن وتؤثر على سلوكياته فيما بعد سواء بشكل غير واضح أو قد تجعل لديه عيوب سلوكية معينة.”